الشام، وأعطى كل ثلاثة بعيراً يحملون عليه ما استقل إلا السلاح، وكان النبي ﷺ قد عاهدهم حين هاجر إلى المدينة أن لا يقاتلوا معه ولا عليه، فكفوا يوم بدر لظهور المسلمين، وأعانوا المشركين يوم أحد حين رأوا ظهورهم على المسلمين، فقتل رئيسهم كعب بن الأشرف، قتله محمد بن مسلمة غيلة. ثم سار إليهم رسول الله ﷺ فحاصرهم ثلاثاً وعشرين ليلة محارباً حتى أجلاهم عن المدينة. في قوله: ﴿لأول الحشر﴾ ثلاثة أوجه: أحدها: لأنهم أول من أجلاه النبي ﷺ من اليهود، قاله ابن حبان. الثاني: لأنه اول حشرهم، لأنهم يحشرون بعدها إلى أرض المحشر في القيامة، قاله الحسن. وروي عن النبي ﷺ أنه لما أجلى بني النضير قال لهم (امضوا فهذا أول الحشر وأنا على الأثر.) الثالث: أنه أول حشرهم لما ذكره قتادة أنه يأتي عليهم بعد ذلك من مشرق الشمس نار تحشرهم إلى مغربها تبيت معهم إذ باتوا [وتقيل معهم حيث قالوا] وتأكل منهم من تخلف. ﴿ما ظننتم أن يخرجوا﴾ يعني من ديارهم لقوتهم وامتناعهم. ﴿وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله﴾ أي من أمر الله. ﴿فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا﴾ فيه وجهان: أحدهما: لم يحتسبوا بأمر الله. الثاني: قاله ابن جبير والسدي: من حيث لم يحتسبوا بقتل ابن الأشرف. ﴿وقذف في قلوبهم الرعب﴾ فيه وجهان: أحدهما: لخوفهم من رسول الله. الثاني: بقتل كعب بن الأشرف. ﴿يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: بأيديهم بنقض الموادعة، وأيدي المؤمنين بالمقاتلة، قاله الزهري.