ثم إن المسلمين جل في صدورهم ما فعلوه، فقال بعضهم: هذا فساد، وقال آخرون منهم عمر بن الخطاب: هذا مما يجزي الله به أعداءه وينصر أولياءه فقالوا يا رسول الله هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فشق ذلك على النبي ﷺ حتى أنزل الله تعالى: ﴿وما قطعتم من لينة﴾ الآية. وفيه دليل على أن كل مجتهد مصيب. وفي اللينة خمسة أقاويل: أحدها: النخلة من أي الأصناف كانت، قاله ابن حبان. الثاني: أنها كرام النخل، قاله سفيان. الثالث: أنها العجوة خاصة، قاله جعفر بن محمد وذكر أن العتيق والعجوة كانا مع نوح في السفينة، والعتيق الفحل، وكانت العجوة أصل الإناث كلها ولذلك شق على اليهود قطعها. الرابع: أن اللينة الفسيلة لأنها ألين من النخلة، ومنه قول الشاعر:

(غرسوا لينها بمجرى معين ثم حفوا النخيل بالآجام)
الخامس: أن اللينة جميع الأشجار للينها بالحياة، ومنه قول ذي الرمة:
(طراق الخوافي واقع فوق لينة ندى ليلة في ريشه يترقرق)
قال الأخفش: سميت لينة اشتقاقاً من اللون لا من اللين.
﴿وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب﴾


الصفحة التالية
Icon