قوله عز وجل: ﴿ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون﴾ أي دعانا، ودعاؤه كان على قومه عند إياسه من إيمانهم، وإنما دعا عليهم بالهلاك بعد طول الاستدعاء لأمرين: أحدهما: ليطهر الله الأرض من العصاة. الثاني: ليكونوا عبرة يتعظ بها من بعدهم من الأمم. وقوله: ﴿فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: فلنعم المجيبون لنوح في دعائه. الثاني: فلنعم المجيبون لمن دعا لأن التمدح بعموم الإجابة أبلغ. ﴿ونجيناه وأهله﴾ قال قتادة: كانوا ثمانية: نوح وثلاثة بنين ونساؤهم، أربعة [أي] رجال وأربعة نسوة. ﴿من الكرب العظيم﴾ فيه وجهان: أحدهما: من غرق الطوفان، قاله السدي. الثاني: من الأذى الذي كان ينزل من قومه، حكاه ابن عيسى. ﴿وجعلنا ذريته هم الباقين﴾ قال ابن عباس: والناس كلهم بعد نوح من ذريته وكان بنوه ثلاثة: سام وحام ويافث، فالعرب والعجم أولاد سام، والروم والترك والصقالبة أولاد يافث والسودان من أولاد حام، قال الشاعر:
(عجوز من بني حام بن نوح | كأن جبينها حجر المقام) |
{وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم إذ قال لأبيه