﴿ثم إنّي دَعْوتُهم جِهاراً﴾ أي مجاهرة يرى بعضهم بعضاً. ﴿ثم إني أعْلَنْتُ لهم﴾ يعني الدعاء، قال مجاهد: معناه صِحْتُ. ﴿وأسَرَرْتُ لهم إسْراراً﴾ الدعاء عن بعضهم من بعض، وفيه وجهان: أحدهما: أنه دعاهم في وقت سراً، وفي وقت جهراً. الثاني: دعا بعضهم سراً وبعضهم جهراً، وكل هذا من نوح مبالغة في الدعاء وتلطفاً في الاستدعاء. ﴿فقلتُ استغْفِروا ربّكم إنّه كان غَفّاراً﴾ وهذا فيه ترغيب في التوبة، وقد روى حذيفة عن النبي ﷺ أنه قال: (الاستغفار ممحاة للذنوب). وقال: الفضيل: يقول العبد استغفر اللَّه، قال: وتفسيرها أقلني. ﴿يُرْسِلِ السماءَ عليكم مِدْراراً﴾ يعني غيثاً متتابعاً، وقيل إنهم كانوا قد أجدبوا أربعين سنة، حتى أذهب الجدب أموالهم وانقطع الولد عن نسائهم، فقال ترغيباً في الإيمان. ﴿ويُمْدِدْكم بأموالٍ وبنينَ ويَجْعَل لكم جَنّاتٍ ويَجْعَل لكم أنهاراً﴾ قال قتادة: علم نبي اللَّه نوح أنهم أهل حرص على الدنيا، فقال هلموا إلى طاعة اللَّه فإن من طاعته درك الدنيا والآخرة. ﴿ما لكم لا ترجون للَّه وقاراً﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: ما لكم لا تعرفون للَّه عظمة، قاله مجاهد، وعكرمة. الثاني: لا تخشون للَّه عقاباً وترجون منه ثواباً، قاله ابن عباس في رواية ابن جبير. الثالث: لا تعرفون للَّه حقه ولا تشكرون له نعمه، قاله الحسن. الرابع: لا تؤدون للَّه طاعة، قاله ابن زيد. الخامس: أن الوقار الثبات، ومنه قوله تعالى: ﴿وقرن في بيوتكن﴾ [الأحزاب: ٣٣] أي اثبتن، ومعناه لا تثبتون وحدانية اللَّه وأنه إلهكم الذي لا إله لكم سواه، قال


الصفحة التالية
Icon