الثاني: هو قول كبرائهم لأتباعهم: ﴿وقالوا لا تَذَرُنَّ آلِهتكم ولا تَذَرُنَّ وَدّاً ولا سُواعاً﴾ الآية، قاله مقاتل. وفي هذه الأصنام قولان: أحدهما: أنها كانت للعرب لم يعبدها غيرهم ويكون معنى الكلام: كما قال قوم نوح لأتباعهم لا تذرن آلهتكم، قالت العرب مثلهم لأولادهم وقومهم لا تذرنّ وداً ولا سُواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً، ثم عاد الذكر بعد ذلك إلى قوم نوح. واختلف في هذه الأسماء، فقال عروة بن الزبير: اشتكى آدم وعنده بنوه ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وكان ود أكبرهم وأبرهم به، وقال غيره: إن هذه الأسماء كانت لرجال قبل قوم نوح، فماتوا فحزن عليهم أبناؤهم حزناً شديداً، فزين لهم الشيطان أن يصورهم لينظروا إليهم ففعلوا، ثم عبدها أبناؤهم من بعدهم. وقال محمد بن كعب: كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح فحدث بعدهم من أخذ في العبادة مأخذهم، فزين لهم إبليس أن يتصوروا صورهم ليتذكروا بها اجتهادهم، ثم عبدها من بعدهم قوم نوح، ثم انتقلت بعدهم إلى العرب فعبدها ولد إسماعيل. فأما ود فهو أول صنم معبود، سمي بذلك لودهم له، وكان بعد قوم نوح لكلب بدومة الجندل من قول ابن عباس وعطاء ومقاتل، وفيه يقول شاعرهم:
(حيّاك ودٌّ فإنا لا يحل لنا | لهْوُ النساءِ وإنّ الدينَ قد عزمَا.) |