(فشمّرتُ من ذيلي الإزار ووسطت | بي الذملُ الوجناء بين السباسِب) |
(فأشهَدُ أن اللَّه لا شيءَ غيرهُ | وأنك مأمولٌ على كل غالبِ.) |
(وأنك أدني المرسلين وسيلةً | إلى اللَّه يا بن الأكرمين الأطايب.) |
(فمُرنْا بما يأتيك يا خيرَ من مشى | وإن كانَ فيما جاءَ شيبُ الذوائب.) |
(وكن لي شفيعاً يومَ لا ذو شفاعةٍ | سِواك بمغنٍ عن سوادِ بن قارب.) |
ففرح رسول اللَّه ﷺ وأصحابه فرحاً شديداً، حتى رئي الفرح في وجوههم، قال: فوثب عمر فالتزمه وقال: قد كنت أشتهي أن أسمع منك هذا الحديث، فهل يأتيك رئيك من الجن اليوم؟ قال: [أما] وقد قرأت القرآن فلا، ونعم العوض كتاب اللَّه عن الجن.
﴿وأنّا مِنّا المسْلِمونَ ومِنّا القاسِطونَ﴾ وهذا إخبار عن قول الجن بحال من فيهم من مؤمن وكافر، والقاسط: الجائر، لأنه عادل عن الحق، ونظيره الترِب والمُتْرِب، فالترِب الفقير، لأن ذهاب ماله أقعده على التراب، والمترب الغني لأن كثرة ماله قد صار كالتراب. وفي المراد بالقاسطين ثلاثة أوجه: أحدها: الخاسرون، قاله قتادة. الثاني: الفاجرون، قاله ابن زيد. الثالث: الناكثون، قاله الضحاك.
﴿وأن لو استقاموا على الطريقة﴾ ذكر ابن بحر أن كل ما في هذه السورة من (إن) المكسورة المثقلة فهو حكاية لقول الجن الذين استمعوا القرآن فرجعوا إلى قومهم منذرين، وكل ما فيها من (أن) المفتوحة المخففة أو المثقلة فهو من وحي الرسول. وفي هذه الاستقامة قولان: أحدهما: أنها الإقامة على طريق الكفر والضلالة، قاله محمد بن كعب وأبو مجلز وغيرهما. الثاني: الاستقامة على الهدى والطاعة، قاله ابن عباس والسدي وقتادة ومجاهد فمن ذهب إلى أن المراد الإقامة على الكفر والضلال فلهم في قوله
﴿لأَسْقَيْناهم ماءً غَدَقاً﴾ وجهان: