نفسي بيده لو ابتدرتموها حتى لا يبقى معي أحد لسال الوادي بكم ناراً، وإنما قال تعالى: ﴿انفضوا إليها﴾ ولم يقل إليهما، لأن غالب انفضاضهم كان للتجارة دون اللهو. وقال الأخفش: في الكلام تقديم وتأخير، وتقديره وإذا رأوا تجارة انفضوا إليها أو لهواً، وكذلك قرأ ابن مسعود. وفي ﴿انفضوا﴾ وجهان: أحدهما: ذهبوا. الثاني: تفرقوا. فمن جعل معناه ذهبوا أراد التجارة، ومن جعل معناه تفرقوا أراد عن الخطبة وهذا أفصح الوجهين، قاله قطرب، ومنه قول الشاعر:

(انفض جمعهم عن كل نائرة تبقى وتدنس عرض الواجم الشبم)
﴿قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: ما عند الله من ثواب صلاتكم من لذة لهوكم وفائدة تجارتكم. الثاني: ما عند الله من رزقكم الذي قسمت لكم خير مما أصبتموه بانفضاضكم من لهوكم وتجارتكم. ﴿والله خير الرازقين﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أن الله سبحانه خير من رزق وأعطى. الثاني: ورزق الله خير الأرزاق.


الصفحة التالية
Icon