أحدهما: أن المراد به قراءة القرآن في الصلاة فيكون الأمر به واجباً لوجوب القراءة في الصلاة. واختلف في قدر ما يلزمه أن يقرأ به من الصلاة، فقدره مالك والشافعي بفاتحة الكتاب، لا يجوز العدول عنها ولا الاقتصار على بعضها، وقدرها أبو حنيفة بآية واحدة من أيّ القرآن كانت. والوجه الثاني: أن المراد به قراءة القرآن من غير الصلاة، فعلى هذا يكون مطلق هذا الأمر محمولاً على الوجوب أو على الاستحباب؟ على وجهين: أحدهما: أنه محمول على الوجوب ليقف بقراءته على إعجازه، ودلائل التوحيد فيه وبعث الرسل، ولا يلزمه إذا قرأه وعرف إعجازه ودلائل التوحيد منه أن يحفظه، لأن حفظ القرآن من القرب المستحبة دون الواجبة. الثاني: أنه محمول على الاستحباب دون الوجوب، وهذا قول الأكثرين لأنه لو وجب عليه أن يقرأه وجب عليه أن يحفظه. وفي قدر ما تضمنه هذا الأمر من القراءة خمسة أقاويل: أحدها: جميع القرآن، لأن اللَّه تعالى قد يسره على عباده، قاله الضحاك. الثاني: ثلث القرآن، حكاه جويبر. الثالث: مائتا آية، قاله السدي. الرابع: مائة آية، قاله ابن عباس. الخامس: ثلاث آيات كأقصر سورة، قاله أبو خالد الكناني. ﴿عَلِم أنْ سيكونُ منكم مَّرْضَى﴾ ذكر الله أسباب التخفيف، فذكر منها المرض لأنه يُعجز. ثم قال: ﴿وآخرون يَضْرِبون في الأرض﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنهم المسافرون، كما قال عز وجلّ: ﴿وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة﴾. الثاني: أنه التقلُّب للتجارة لقوله تعالى: ﴿يبتغونَ من فضلِ اللَّه﴾، قاله ابن مسعود يرفعه، وهو قول السدي.