ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن يكون فكّر في العداوة وقدّر في المجاهدة. ﴿فقُتِلَ كيف قَدَّرَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أي عوقب ثم عوقب، فيكون العقاب تكرر عليه مرة بعد أخرى. الثاني: أي لعن ثم لعن كيف قدر أنه ليس بشعر ولا كهانة، وأنه سحر. ﴿ثم نَظَرَ﴾ يعني الوليد بن المغيرة، وفي ما نظر فيه وجهان: أحدهما: أنه نظر في الوحي المنزل من القرآن، قاله مقاتل. الثاني: أنه نظر إلى بني هاشم حين قال في النبي ﷺ إنه ساحر، ليعلم ما عندهم. ويحتمل ثالثاً: ثم نظر إلى نفسه فيما أُعطِي من المال والولد فطغى وتجبر. ﴿ثم عَبَسَ وبَسَرَ﴾ أما عبس فهو قبض ما بين عينينه، وبَسَرَ فيه وجهان: أحدهما: كلح وجهه، قاله قتادة، ومنه قول بشر بن أبي خازم:
(صبحنا تميماً غداة الجِفار | بشهباءَ ملمومةٍ باسِرةَ) |
الثاني: تغيّر، قاله السدي، ومنه قول توبة:
(وقد رابني منها صدودٌ رأيتُه | وإعْراضها عن حاجتي وبُسورها.) |
واحتمل أن يكون قد عبس وبسر على النبي ﷺ حين دعاه. واحتمل أن يكون على من آمن به ونصره. وقيل إن ظهور العبوس في الوجه يكون بعد المحاورة، وظهور البسور في الوجه قبل المحاورة.
﴿ثم أَدْبَر واسْتَكْبَرَ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أدبر عن الحق واستكبر عن الطاعة. الثاني: أدبر عن مقامه واستكبر في مقاله.
﴿فقال إنْ هذا إلا سِحْرٌ يُؤْثَر﴾ قال ابن زيد: إن الوليد بن المغيرة قال: إنْ هذا القرآن إلا سحر يأثره محمد عن غيره فأخذه عمن تقدمه. ويحتمل وجهاً آخر: أن يكون معناه أن النفوس تؤثر لحلاوته فيها كالسحر.