الثاني: أنه كل إنسان، قاله ابن عباس وابن جريج. وفي قوله تعالى: ﴿حينٌ من الدهر﴾ ثلاثة أقاويل: أحدهأ: أنه أربعون سنة مرت قبل أن ينفخ فيه الروح، وهو ملقى بين مكة والطائف، قاله ابن عباس في رواية أبي صالح عنه. الثاني: أنه خلق من طين فأقام أربعين سنة، ثم من حمأ مسنون أربعين سنة، ثم من صلصال أربعين سنة، فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة، ثم نفخ فيه الروح، وهذا قول ابن عباس في رواية الضحاك. الثالث: أن الحين المذكور ها هنا وقت غير مقدر وزمان غير محدود، قاله ابن عباس أيضاً. وفي قوله ﴿لم يكن شيئاً مذكوراً﴾ وجهان: أحدهما: لم يكن شيئاً مذكوراً في الخلق، وإن كان عند الله شيئاً مذكوراً، قاله يحيى بن سلام. الثاني: أي كان جسداً مصوّراً تراباً وطيناً، لا يذكر ولا يعرف، ولا يدري ما اسمه، ولا ما يراد به، ثم نفخ فيه الروح فصار مذكوراً، قاله الفراء، وقطرب وثعلب. وقال مقاتل: في الكلام تقديم وتأخير، وتقديره: هل أتى حين من الدهر لم يكن الإنسان شيئاً مذكوراً، لأنه خلقه بعد خلق الحيوان كله ولم يخلق بعده حيواناً. ﴿إنّا خلقْنا الإنسانَ من نُطْفَةٍ أمْشاجٍ﴾ يعني بالإنسان في هذا الموضع كل إنسان من بني آدم في قول جميع المفسرين. وفي النطفة قولان: أحدهما: ماء الرجل وماء المرأة إذا اختلطا فهما نطفة، قاله السدي. الثاني: أن النطفة ماء الرجل، فإذا اختلط في الرحم وماء المرأة صارا أمشاجاً. وفي الأمشاج أربعة أقاويل: أحدها: أنه الأخلاط، وهو أن يختلط ماء الرجل بماء المرأة، قاله الحسن وعكرمة، ومنه قول رؤبة بن العجاج: