ويحتمل وجهاً رابعاً: أن يريد بالأسير الناقص العقل، لأنه في أسر خبله وجنونه، وإن أسر المشركين انتقام يقف على رأي الإمام وهذا بر وإحسان. ﴿إنّما نُطْعِمُكم لوجْهِ اللهِ﴾ قال مجاهد: إنهم لم يقولوا ذلك، لكن علمه الله منهم فأثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب. ﴿لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شُكوراً﴾ جزاء بالفعال، وشكوراً بالمقال وقيل إن هذه الآية نزلت فيمن تكفل بأسرى بدر، وهم سبعة من المهاجرين أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعيد وأبو عبيدة. ﴿إنّا نخافُ من ربِّنا يوماً عَبوساً قمْطريراً﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن العبوس الذي يعبس الوجوه من شره، والقمطرير الشديد، قاله ابن زيد. الثاني: أن العبوس الضيق، والقمطرير الطويل، قاله ابن عباس، قال الشاعر:

(شديداً عبوساً قمطريراً تخالهُ تزول الضحى فيه قرون المناكب.)
الثالث: أن العُبوس بالشفتين، والقمطرير بالجبهة والحاجبين، فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم، قاله مجاهد، وأنشد ابن الأعرابي:
(يَغْدو على الصّيْدِ يَعودُ مُنكَسِرْ ويَقْمَطُّر ساعةً ويكْفَهِرّ.)
﴿فَوَقاهمُ الله شَرَّ ذلك اليومِ ولَقّاهُمْ نَضْرةً وسُروراً﴾ قال الحسن النضرة من الوجوه، والسرور في القلوب. وفي النضرة ثلاثة أوجه: أحدها: أنها البياض والنقاء، قاله الضحاك. الثاني: أنها الحسن والبهاء، قاله ابن جبير.


الصفحة التالية
Icon