أحدهما: سبيلاً، قاله قتادة. الثاني: مرجعاً، قاله ابن عيسى. ويحتمل ثالثاً: اتخذ ثواباً لاستحقاقه بالعمل لأن المرجع يستحق على المؤمن والكافر. ﴿إنّا أنذْرْناكم عَذاباَ قريباً﴾ فيه وجهان: أحدهما: عقوبة الدنيا، لأنه أقرب العذابين، قاله قتادة، وقاله مقاتل: هو قتل قريش ببدر. الثاني: عذاب يوم القيامة، لأنه آت وكل آت قريب، وهو معنى قول الكلبي. ﴿يومَ ينظُرُ المْرءُ ما قدَّمَتْ يَداهُ﴾ يعني يوم ينظر المرء ما قدّم من عمل خير، قال الحسن: قدَّم فقَدِم على ما قَدَّم. ويحتمل أن يكون عامّاً في نظر المؤمن إلى ما قدّم من خير، ونظر الكافر إلى ما قدّم من شر. ﴿ويقولُ الكافرُ يا لَيْتني كنتُ تُراباً﴾ قال مجاهد يبعث الحيوان فيقاد للمنقورة من الناقرة، وللمركوضة من الراكضة، وللمنطوحة من الناطحة، ثم يقول الرب تعالى: كونوا تراباً بلا جنة ولا نار، فيقول الكافر حينئذ: يا ليتني كنت تراباً وفي قوله ذلك وجهان: أحدهما: يا ليتني صرت اليوم مثلها تراباً بلا جنة ولا نار، قاله مجاهد. الثاني: يا ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا وأكون اليوم تراباً، قاله أبو هريرة: وهذه من الأماني الكاذبة كما قال الشاعر:

(ألا يا ليتني والمْرءُ مَيْتُ وما يُغْني من الحدثانِ لَيْت.)
قال مقاتل: نزل قوله تعالى: ﴿يوم ينظر المرء ما قدّمت يداهُ﴾ في أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ونزل قوله تعالى: ﴿ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً﴾ في أخيه الأسود بن عبد الأسد.


الصفحة التالية
Icon