ويحتمل الغُلْب أن يكون ما غلبت عليه ولم تغلب فكان هيناً. ﴿وفاكهةً وأبّاً﴾ فيه خمسة أقاويل: أحدها: أن الأبّ ما ترعاه البهائم، قاله ابن عباس: وما يأكله الآدميون الحصيدة، قال الشاعر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:

(له دعوة ميمونة ريحها الصبا بها يُنْبِتُ الله الحصيدة والأَبّا)
الثاني: أنه كل شيء ينبت على وجه الأرض، قاله الضحاك. الثالث: أنه كل نبات سوى الفاكهة، وهذا ظاهر قول الكلبي. الرابع: أنه الثمار الرطبة، قاله ابن أبي طلحة. الخامس: أنه التبن خاصة، وهو يحكي عن ابن عباس أيضاً، قال الشاعر:
(فما لَهم مَرْتعٌ للسّوا م والأبُّ عندهم يُقْدَرُ)
ووجدت لبعض المتأخرين سادساً: أن رطب الثمار هو الفاكهة، ويابسها الأبّ. ويحتمل سابعاً: أن الأبّ ما أخلف مثل أصله كالحبوب، والفاكهة ما لم يخلف مثل أصله من الشجر. روي أن عمر بن الخطاب قرأ ﴿عبس وتولّى﴾ فلما بلغ إلى قوله تعالى: ﴿وفاكهة وأبّا﴾ قال: قد عرفنا الفاكهة، فما الأبّ؟ ثم قال: لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا هو التكلف وألقى العصا من يده. وهذا مثل ضربه الله تعالى لبعث الموتى من قبورهم فهم كنبات الزرع بعد دثوره، وتضمن امتناناً عليهم بما أنعم.
{فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه


الصفحة التالية
Icon