الثاني: أن جعلك مأوى الأيتام بعد أن كنت يتيماً، وكفيل الأنام بعد أن كنت مكفولاً، تذكيراً بنعمه عليه، وهو محتمل. ﴿وَوَجَدَكَ ضالاًّ فَهَدَى﴾ فيه تسعة تأويلات: أحدها: وجدك لا تعرف الحق فهداك إليه، قاله ابن عيسى. الثاني: ووجدك ضالاً عن النبوة فهداك إليها، قاله الطبري. الثالث: ووجد قومك في ضلال فهداك إلى إرشادهم، وهذا معنى قول السدي. الرابع: ووجدك ضالاً عن الهجرة فهداك إليها. الخامس: ووجدك ناسياً فأذكرك، كما قال تعالى: ﴿أن تَضِل إحداهما﴾. السادس: ووجدك طالباً القبلة فهداك إليها، ويكون الضلال بمعنى الطلب، لأن الضال طالب. السابع: ووجدك متحيراً في بيان من نزل عليك فهداك إليه، فيكون الضلال بمعنى التحير، لأن الضال متحير. الثامن: ووجدك ضائعاً في قومك فهداك إليه، ويكون الضلال بمعنى الضياع، لأن الضال ضائع. التاسع: ووجدك محباً للهداية فهداك إليها، ويكون الضلال بمعنى المحبة، ومنه قوله تعالى: ﴿قالوا تاللَّه إنك لفي ضلالك القديم﴾ أي في محبتك، قال الشاعر:
(هذا الضلال أشاب مِنّي المفرقا | والعارِضَيْن ولم أكنْ مُتْحقّقاً) |
(عَجَباً لَعِزّةَ في اختيارِ قطيعتي | بعد الضّلالِ فحبْلُها قد أخْلقاً) |
وقرأ الحسن: ووجدَك ضالٌّ فهُدِي، أي وجَدَك الضالُّ فاهتدى بك،
﴿ووجَدَك عائلاً فأَغْنَى﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: وجدك ذا عيال فكفاك، قاله الأخفش، ومنه قول جرير:
(الله أنْزَلَ في الكتابِ فَرِيضةً | لابن السبيل وللفقير العائلِ) |
الثاني: فقيراً فيسَّر لك، قاله الفراء، قال الشاعر: