﴿ألم يَعْلَمْ بأنَّ الله يَرَى﴾ يعني أبا جهل، وفيه وجهان: أحدهما: ألم تعلم يا محمد أن الله يرى أبا جهل؟ الثاني: ألم تعلم يا أبا جهل أن الله يراك؟ وفيه وجهان: أحدهما: يرى عمله ويسمع قوله. الثاني: يراك في صلاتك حين نهاك أبو جهل عنها. ويحتمل ثالثاً: يرى ما همّ به أبو جهل فلا يمكنه من رسوله. ﴿كلا لئِن لم يَنْتَهِ لنسفعاً بالنّاصِيةِ﴾ يعني أبا جهل، وفيه وجهان: أحدهما: يعني لنأخذن بناصيته، قاله ابن عباس، وهو عند العرب أبلغ في الاستذلال والهوان، ومنه قول الخنساء:
(جززنا نواصي فرسانهم | وكانوا يظنّون أنْ لن تُجَزَّا) |
الثاني: معناه تسويد الوجوه وتشويه الخلقة بالسفعة السوداء، مأخوذ من قولهم قد سفعته النار أو الشمس إذا غيرت وجهه إلى حالة تشويه، وقال الشاعر:
(أثافيَّ سُفْعاً مُعَرَّس مِرَجلٍ | ونُؤْياً كجِذم الحوضِ لم يَتَثَلّمِ) |
والناصية شعر مقدم الرأس، وقد يعبّر بها عن جملة الإنسان، كما يقال هذه ناصية مباركة إشارة إلى جميع الإنسان. ثم قال:
﴿ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ﴾ يعني ناصية أبي جهل كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
﴿فلْيَدْعُ نادِيَةُ﴾ يعني أبا جهل، والنادي مجلس أهل الندى والجود ومعنى (فليدع نادية) أي فليدع أهل ناديه من عشيرة أو نصير.
﴿سَنَدْعُ الزّبانِيةَ﴾ والزبانية هم الملائكة من خزنة جهنم، وهم أعظم الملائكة خلقاً وأشدهم بطشاً، والعرب تطلق هذا الإسم على من اشتد بطشه، قال الشاعر: