الثاني: ما حكاه الكلبي وقتادة: أن حيّين من قريش، بني عبد مناف وبني سهم، كان بينهما ملاحاة فتعادّوا بالسادة والأشراف أيهم أكثر، فقال بنو عبد مناف: نحن أكثر سيّداً وعزاً وعزيزاً وأعظم نفراً، وقال بنو سهم مثل ذلك، فكثرهم بنو عبد مناف، فقال بنو سهم إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعُدّوا الأحياء والأموات، فعدّوهم فكثرتهم بنو سهم، فأنزل الله تعالى ﴿ألهاكم التكاثر﴾ يعني بالعدد ﴿حتى زرتم المقابر﴾ أي حتى ذكرتم الأموات في المقابر. ﴿كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمونَ ثم كلاّ سَوْفَ تَعلَمونَ﴾ هذا وعيد وتهديد، ويحتمل أن يكون تكراره على وجه التأكيد والتغليظ. ويحتمل أن يعدل به عن التأكيد فيكون فيه وجهان: أحدهما: كلا سوف تعلمون عند المعاينة أن ما دعوتكم إليه حق، ثم كلا سوف تعلمون عند البعث أن ما وعدتكم صدق. الثاني: كلا سوف تعلمون عند النشور أنكم مبعوثون، ثم كلا سوف تعلمون في القيامة أنكم معذَّبون. ﴿كلاّ لو تَعْلَمون عِلْمَ اليَقِين﴾ معناه لو تعلمون في الحياة قبل الموت من البعث والجزاء ما تعلمونه بعد الموت منه. ﴿عِلْمَ اليقين﴾ فيه وجهان: أحدهما: علم الموت الذي هو يقيني لا يعتريه شك، قاله قتادة. الثاني: ما تعلمونه يقيناً بعد الموت من البعث والجزاء، قاله ابن جريج. وفي ﴿كَلاَّ﴾ في هذه المواضع الثلاثة وجهان: أحدهما: أنها بمعنى (إلا)، قاله أبو حاتم. الثاني: أنها بمعنى حقاً، قاله الفراء. ﴿لَتَروُنَّ الجَحيمَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن هذا خطاب للكفار الذين وجبت لهم النار. الثاني: أنه عام، فالكافر هي له دار والمؤمن يمر على صراطها.


الصفحة التالية
Icon