أحدهما: لأنها تحطم ما أُلقي فيها، أي تكسره وتهده، ومنه قول الراجز:

(إنا حَطْمنا بالقضيب مُصْعَبا يومَ كَسَرنا أَنْفَه ليَغْضَبا)
﴿التي تَطّلِعُ على الأَفئدةِ﴾ روى خالد بن أبي عمران عن النبي ﷺ أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إذا صدروا تعود، فذلك قوله ﴿نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة﴾ ويحتمل اطلاعها على الأفئدة وجهين: أحدهما: لتحس بألم العذاب مع بقاء الحياة ببقائها. الثاني: استدل بما في قلوبهم من آثار المعاصي وعقاب على قدر استحقاقهم لألم العذاب، وذلك بما استبقاه الله تعالى من الإمارات الدالة عليه. ﴿إنَّها عليهم مْؤْصَدَةٌ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: مطبقة، قاله الحسن والضحاك. الثاني: مغلقة بلغة قريش، يقولون آصد الباب إذا أغلقه، قاله مجاهد ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات:
(إن في القَصْر لو دَخَلنْا غَزالاً مُصْفقاً مُوصَداً عليه الحجابُ)
الثالث: مسدودة الجوانب لا ينفتح منها جانب، قاله سعيد بن المسيب، وقال مقاتل بن سليمان: لا يدخلها روْح ولا يخرج منها غم. ﴿في عَمَدٍ مُمَدَّدةٍ﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: أنها موصدة بعمد ممددة، قاله ابن مسعود، وهي في قراءته (بعَمَدٍ ممدّدة). الثاني: أنهم معذبون فيها بعُمد محددة، قاله قتادة. الثالث: أن العُمد الممدة الأغلال في أعناقهم، قاله ابن عباس. الرابع: أنها قيود في أرجلهم، قاله أبو صالح. الخامس: معناه في دهر ممدود، قاله أبو فاطمة.


الصفحة التالية
Icon