السورتين ويقرآنهما كالسورة الواحدة، ويريان أنهما سورة واحدة، أي: ألم تر لإيلاف قريش. الثاني: أن اللام صلة ترجع إلى ما بعدها من قوله ﴿فَلْيَعْبُدوا رب هذا البَيْتِ﴾ ويكون معناه لنعمتي على قريش فَلْيَعْبُدوا رَبَّ هذا البيت، قاله أهل البصرة، وقرأ عكرمة، ليألف قريش، وكان يعيب على من يقرأ (لإيلاف قريش). وقرأ بعض أهل مكة: إلاف قريش، واستشهد بقول أبي طالب يوصي أخاه أبا لهب برسول الله صلى الله عليه وسلم:

(فلا تَتْركْنهُ ما حَييتَ لمعظمٍ وكن رجلاً ذا نَجدةٍ وعفافِ)
(تَذودُ العِدا عن عُصْبةٍ هاشميةٍ ألا فُهُمُ في الناس خيرُ إلافِ)
وأما قريش تلده فهم بنو النضير بن كنانة، وقيل بنو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ومن لم تلده فهر فليس من قريش، وعلى المشهور أن بني النضر بن كنانة ومن تلده: من قريش، وإن لم يكونوا من بني فهر، وقد كانوا متفرقين في غير الحرم فجمعهم قصي بن كلاب في الحرم حتى اتخذوه مسكناً، قال الشاعر:
(أبونا قصيٌّ كان يُدْعى مجمّعاً به جمع اللَه القبائلَ مِن فهر)
واختلفوا في تسميتهم قريشاً على أربعة أقاويل: أحدها: لتجمعهم بعد التفرق، والتقريش التجميع، ومنه قول الشاعر:
(إخوةٌ قرَّشوا الذنوب علينا في حَديثٍ مِن دَهْرِهم وقَديمِ)
الثاني: لأنهم كانوا تجاراً يأكلون من مكاسبهم، والتقريش التكسب. الثالث: أنهم كانوا يفتشون الحاج عن ذي الخلة فيسدون خلته، والقرش: التفتيش، قال الشاعر:
(أيها الشامتُ المقِّرشُ عَنّا عند عَمرو فهل له إبْقاءُ)
الرابع: أن قريشاً اسم دابة في البحر، من أقوى دوابه، سميت قريشاً لقوتها وأنها تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعلى، قاله ابن عباس واستشهد بقول الشاعر:


الصفحة التالية
Icon