وأما (الوسواس) ها هنا ففيه وجهان: أحدهما: أنه الشيطان لأنه يوسوس للإنسان، وقد روى ابن جبير عن ابن عباس في قوله (الوسواس الخناس) قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله تعالى خنس، فعلى هذا يكون في تأويل الخناس وجهان: أحدهما: الراجع بالوسوسة على الهوى. الثاني: أنه الخارج بالوسوسة في اليقين. الوجه الثاني: أنه وسواس الإنسان من نفسه، وهي الوسوسة التي يحدث بها نفسه. وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: (إنّ الله تعالى تجاوز لأمتى عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به). ﴿الذي يُوسْوِسُ في صُدورِ النّاسِ﴾ وسوسة الشيطان هي الدعاء إلى طاعته بما يصل إلى القلب من قول متخيل، أو يقع في النفس من أمر متوهم ومنه الموسوس إذا غلب عليه الوسوسة، لما يعتريه من المسرة، وأصله الصوت الخفي، قال الأعشى:
(تسمع للحلْي وسواساً إذا انصرفت | كما استعان بريح عشرق زجل.) |