﴿تائباتٍ﴾ فيه وجهان: أحدهما: من الذنوب، قاله السدي. الثاني: راجعات لأمر الرسول تاركات لمحاب أنفسهن. ﴿عابداتٍ﴾ فيه وجهان: أحدهما: عابدات للَّه، قاله السدي. الثاني: متذللات للرسول بالطاعة، ومنه أخذ اسم العبد لتذلله، قاله ابن بحر. ﴿سائحاتٍ﴾ فيه وجهان: أحدهما: صائمات، قاله ابن عباس والحسن وابن جبير. قال ابن قتيبة: سمي الصائم سائحاً لأنه كالسائح في السفر بغير زاد. وقال الزهري: قيل للصائم سائح لأن الذي كان يسيح في الأرض متعبداً لا زاد معه كان ممسكاً عن الأكل، والصائم يمسك عن الأكل، فلهذه المشابهة سمي الصائم سائحاً، وإن أصل السياحة الاستمرار على الذهاب في الأرض كالماء الذي يسيح، والصائم مستمر على فعل الطاعة وترك المشتهى، وهو الأكل والشرب والوقاع. وعندي فيه وجه آخر وهو أن الإنسان إذا امتنع عن الأكل والشرب والوقاع وسد على نفسه أبواب الشهوات انفتحت عليه أبواب الحكم وتجلت له أنوار المتنقلين من مقام إلى مقام ومن درجة إلى درجة فتحصل له سياحة في عالم الروحانيات. الثاني: مهاجرات لأنهن بسفر الهجرة سائحات، قاله زيد بن أسلم. ﴿ثَيّباتٍ وأبْكاراً﴾ أما الثيب فإنما سميت بذلك لأنها راجعة إلى زوجها إن أقام معها، أو إلى غيره إن فارقها، وقيل لأنها ثابَتْ إلى بيت أبويها، وهذا أصح لأنه ليس كل ثيّب تعود إلى زوج. وأما البكر فهي العذراء سميت بكراً لأنها على أول حالتها التي خلقت بها. قال الكلبي: أراد بالثيب مثل آسية امرأة فرعون، والبكر مثل مريم بنت عمران. روى خداش عن حميد عن أنس قال عمر بن الخطاب: وافقت ربي في


الصفحة التالية
Icon