الثالث: أنهم الملائكة الكاتبون يكتبون أعمال الناس من خير وشر. ﴿ما أنت بنعمةِ ربّك بمجنونٍ﴾ كان المشركون يقولون للنبي ﷺ أنه مجنون به شيطان، وهو قولهم: ﴿يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون﴾ [الحجر: ٦] فأنزل اللَّه تعالى رداً عليها وتكذيباً لقولهم: ﴿ما أنت بنعمة ربك بمجنون﴾ أي برحمة ربك، والنعمة ها هنا الرحمة. ويحتمل ثانياً: أن النعمة ها هنا قسم، وتقديره: ما أنت ونعمة ربك بمجنون، لأن الواو والباء من حروف القسم. وتأوله الكلبي على غير ظاهره، فقال: معناه ما أنت بنعمة ربك بمخفق. ﴿وإنّ لك لأجْراً غيْرَ مَمْنُونٍ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: غير محسوب، قاله مجاهد. الثاني: أجراً بغير عمل، قاله الضحاك. الثالث: غير ممنون عليك من الأذى، قاله الحسن. الرابع: غير منقطع، ومنه قول الشاعر:
(ألا تكون كإسماعيلَ إنَّ له | رأياً أصيلاً وأجْراً غيرَ ممنون) |