وقوله (ما الحاقة) تفخيماً لأمرها وتعظيماً لشأنها. ﴿وما أدْراكَ ما الحاقّة﴾ قال يحيى بن سلام: بلغني أن كل شىء في القرآن فيه (وما أدراك) فقد أدراه إياه وعلّمه إياه، وكل شيء قال فيه (وما يدريك) فهو ما لم يعلمه إياه. وفيه وجهان: أحدهما: وما أدراك ما هذا الاسم، لأنه لم يكن في كلامه ولا كلام قومه، قاله الأصم. الثاني: وما أدراك ما يكون في الحاقة. ﴿كذّبَتْ ثمودُ وعادٌ بالقارعةِ﴾ أما ثمود فقوم صالح كانت منازلهم في الحجر فيما بين الشام والحجاز، قاله محمد بن إسحاق: وهو وادي القرى، وكانوا عرباً. وأما عاد فقوم هود، وكانت منازلهم بالأحقاف، والأحقاف الرمل بين عُمان إلى حضرموت واليمن كله، وكانوا عرباً ذوي خَلق وبَسطة، ذكره محمد بن إسحاق. وأما (القارعة) ففيها قولان: أحدهما: أنها قرعت بصوت كالصيحة، وبضرب كالعذاب، ويجوز أن يكون في الدنيا، ويجوز أن يكون في الآخرة. الثاني: أن القارعة هي القيامة كالحاقة، وهما اسمان لما كذبت بها ثمود وعاد. وفي تسميتها بالقارعة قولان: أحدهما: لأنها تقرع بهولها وشدائدها. الثاني: أنها مأخوذة من القرعة في رفع قوم وحط آخرين، قاله المبرد. ﴿فأمّا ثمودُ فأهلِكوا بالطاغية﴾ فيها خمسة أقاويل: أحدها: بالصيحة، قاله قتادة. الثاني: بالصاعقة، قاله الكلبي. الثالث: بالذنوب، قاله مجاهد. الرابع: بطغيانهم، قاله الحسن. الخامس: أن الطاغية عاقر الناقة، قاله ابن زيد. ﴿وأمّا عادٌ فأهْلِكوا بريحٍ صَرْصَرٍ عاتيةٍ﴾ روى مجاهد عن ابن عباس قال:


الصفحة التالية
Icon