وكان يدعو قومه وينذرهم فلا يرى منهم مجيباً، وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه، فيقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. ﴿يَغْفِرْ لكم مِن ذُنوبكم﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن (من) صلة زائدة، ومعنى الكلام يغفر ذنوبكم، قاله السدي. الثاني: أنها ليست صلة، ومعناه يخرجكم من ذنوبكم، قاله زيد بن أسلم. الثالث: معناه يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها، قاله ابن شجرة. ﴿ويُؤَخِّرْكم إلى أجَلٍ مُسمى﴾ يعني إلى موتكم وأجلكم الذي خط لكم، فيكون موتكم بغير عذاب إن آمنتم. ﴿إنّ أَجَلَ اللَّه إذا جاءَ لا يُؤخَّرُ لو كنتم تَعْلَمونَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يعني بأجل اللَّه الذي لا يؤخر يوم القيامة، جعله اللَّه أجلاً للبعث، قاله الحسن. الثاني: يعني أجل الموت إذا جاء لم يؤخر، قاله مجاهد. الثالث: يعني أجل العذاب إذا جاء لا يؤخر، قاله السدي. وفي قوله: (لو كنتم تعلمون) وجهان: أحدهما: أن ذلك بمعنى إن كنتم تعلمون. الثاني: لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل اللَّه إذا جاء لا يؤخر، قاله الحسن.
{قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا