القراءتين باستعمال أحدهما على سبيل الحقيقة والأخرى على سبيل المجاز «١».
٣ - مد التحريم إلى غاية وهى انقطاع الدم وما بعد الغاية مخالف لما قبلها فوجب أن يحصل الجواز بعد انقطاع الدم بسبب حكم الغاية لأن (حتى) تقتضى أن يكون حكم ما بعدها بخلاف ما قبلها كقوله تعالى: حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ، وقوله: وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: ٤٣] فكذلك قوله: حَتَّى يَطْهُرْنَ بالتخفيف فيراد به انقطاع الدم.
المذهب الثانى: وهو قول جمهور العلماء القائل بعدم جواز الوطء إلا بعد انقطاع الدم والغسل وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة وذهب الأوزاعى إلى أنها إن غسلت فرجها بالماء جاز وطؤها «٢».
واستدلوا على مذهبهم بأدلة نذكر منها «٣».
١ - يقول تعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة: ٢٢٢]. يعنى إذا اغتسلن، هكذا فسره ابن عباس.
كما أن القراءة الشاذة التى وردت فى مصحف ابن مسعود وأبى بن كعب وهى حَتَّى يَطْهُرْنَ فكلمة يَطْهُرْنَ مضارع تطهر وباب تفعل يأتى لعدة معان منها التكلف الذى يطلق على ما يكتسبه المكلفون بأنفسهم كما يقول: تعلم زيد، فإن التعلم من اكتسابه وكذلك إذا قلنا: تطهرت المرأة: كان المراد أنها اكتسبت الطهارة بنفسها وذلك يكون بالاغتسال بالماء لا بمجرد انقطاع الدم.
٢ - قوله تعالى فى آخر الآية: وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فأثنى عليهم فيدل على أنه فعل منهم أثنى عليهم به وفعلهم هو الاغتسال دون انقطاع الدم.
يقول ابن العربى: قال تعالى فى آخر الآية: وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فمدحهم وأثنى عليهم فلو كان المراد به انقطاع الدم ما كان فيه مدح، لأنه من غير عملهن والبارى سبحانه قد ذم على مثل هذا فقال: وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا «٤».
(٢) المحلى ٧/ ١٢٠، السيل الجرار ١/ ١٤٧، المغنى ١/ ٤٦٤، القرطبى ٣/ ٨٨، أحكام ابن العربى ٢/ ٢٢٨، أحكام الجصاص ١/ ٤٧٦، تفسير أبى مسعود ١/ ٢٢٢.
(٣) راجع هذه الأدلة فى المراجع السابقة.
(٤) أحكام ابن العربى ٢/ ٢٣١.