لأن المعاجم لا تشهد لهم فالقراءة بالتخفيف لا تفيد انقطاع الدم فقط كما زعم الحنفية بل تفيد انقطاع الدم والاغتسال يقول الفيروزآبادى: طهرت: انقطع دمها واغتسلت من الحيض وغيره كتطهرت «١».
وكذلك حمل (يطهرن) بالتشديد بانقطاع الدم لا يصح لأنه مخالف للغة أيضا: يقال:
اطهرت المرأة: بمعنى انقطع دمها، وإنما معناه اغتسلت، لأن التشديد كما قلنا يدل على المبالغة فى الطهارة وإنما يكون بالاغتسال بالماء لا انقطاع الدم كما إن قوله تعالى بعد ذلك: فإذا تطهرن يدل على أن المراد بالماء «٢».
٣ - أما احتجاجهم بأن انقطاع الحيض غاية النهى عن ايتاء المرأة فلا يلزم بقائه عند انقطاع الدم لأن ما بعد الغاية مخالفا لما قبلها فوجب أن يحصل الجواز بعد انقطاع الدم لسبب حكم الغاية، فقد أجيب بأنه يكون الحكم للغاية مخالفا لما قبله إذا كانت مطلقة فأما إذا انضم إليها شرط آخر فإنما يرتبط الحكم بما وقع القول عليه فى الشرط كقوله تعالى: حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ وكقوله تعالى: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ
الرأى الراجح:
بعد مناقشة أدلة الحنفية يتضح لنا رجحان مذهب الجمهور القائل بأن الزوج لا يأتى زوجته إلا بعد انقطاع الدم والغسل وقد دفع هذا ابن المنذر إلى قوله: هذا كالإجماع منهم «٣» وبالغ أحمد بن محمد المروذى فقال: لا أعلم فى هذا خلافا «٤».
وقد رجح ابن تيمية هذا الرأى بقوله: وإنما ذكر الله غايتين على قراءة الجمهور لأن قوله تعالى: حَتَّى يَطْهُرْنَ غاية التحريم الحاصل بالحيض، وهذا التحريم يزول بانقطاع الدم، ثم يبقى الوطء بعد ذلك وجائز بشرط الاغتسال يقول تعالى: فإذا تطهرن «٥».
فنخلص من هذا أن الوقف الذى استدل به الحنفية على جواز ايتاء الزوج زوجته قبل
(٢) أحكام ابن العربى ١/ ٢٢٨.
(٣) المغنى ١/ ٤٦٤.
(٤) المراجع السابقة.
(٥) مجموع الفتاوى ٢١/ ٦٢٥.