كما أجمعوا على أن القود لا يجب إلا بالعمد وذلك لعموم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«المؤمنون تتكافأ دماؤهم» «١».
وأجمعوا على أن العبد يقتل بالحر وأنه لا يقطع طرف الحر بطرف العبد «٢».
غير أن الخلاف يقع بين الفقهاء فيما عدا ذلك من قتل الحر بالعبد والأنثى بالرجل والمسلم بالكافر.
فالذين قالوا بعدم قتل الحر بالعبد والرجل بالأنثى والمسلم بالكافر قالوا بأن الآية متصلة فالكلام عندهم ينتهى عند قوله تعالى: وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى.
أما الذين قالوا بقتل الحر بالعبد والرجل بالأنثى والمسلم بالكافر فقد أعملوا الوقف فى الآية فقالوا بأن قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى. كلام تام قائم بذاته غير مفتقر إلى غيره.
وإليك بيان ذلك:-
أولا: الحنفية:
وهم الذين أخذوا بالوقف فى هذه الآية قال الجصاص: [قال الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى هذا كلام مكتف بنفسه غير مفتقر إلى ما بعده ألا ترى أنه لو اقتصر عليه لكان معناه مفهوما من لفظه واقتضى ظاهره وجوب القصاص على المؤمنين فى جميع القتلى؟] «٣» وهذا هو قول النخعى وسعيد بن المسيب والشعبى «٤» غير أن النخعى جعل السيد يقتل بعبده بخلاف الحنفية الذين قالوا بأن السيد لا يقتل بعبده لأنه بعض ماله.
وهو قول سفيان الثورى «٥».
وقد استدل فقهاء الحنفية بأدلة تؤيد ما ذهبوا إليه منها.
(٢) بدائع الصنائع ١٠/ ٢٤٨، المغنى ١١/ ٣٤٠، الطبرى ٢/ ١٥٠.
(٣) أحكام الجصاص ١/ ١٨٧.
(٤) المغنى ١١/ ٣٤٢، نيل الأوطار ٧/ ١٦ الترمذى ٤/ ٢٦.
(٥) الترمذى ٤/ ٢٦.