فلا يمنع من عموم ورود القصاص فإنهما قضيتان متباينتان فعموم احداهما لا يمنع من خصوص الأخرى ولا خصوص هذه يناقض عموم تلك «١».
كما يمكن أن تكون الأخوة من طريق النسب لا من جهة الدين «٢».
أما تأويلهم بالسبيل يكون عن طريق القصاص فإنهم لم يسلموا به بل قالوا بأن للآية تأويلات كلها محتملة فيجب التحاكم إلى قواعد الشريعة لمعرفة ما هو أولى بالقبول فحيث نفى الله السبيل فى الآية وكان محتملا أن يكون فى الآخرة فقط أو بعدم تمكين الكافر فى الدنيا من استئصال المؤمنين.
أما دليلهم العقلى القائل بأن الله شرط المساواة فى المجازاة فكذلك قال الخصوم والمساواة عندهم فى الدين ليس بشرط ألا ترى أن الذمى إذا قتل ذميا ثم أسلم القاتل يقتل به قصاص ولا مساواة بينهما فى الدين لكن القصاص محنة امتحنوا بها الخلق بذلك فكان من كان أقبل بحق الله تعالى وأشكر لنعمه كان أولى بهذه المحنة لأن العذر له فى ارتكاب المحذور أقل وهو بالوفاء بعهد الله تعالى أولى ونعم الله تعالى فى حقه أكمل فكانت جناية عظيمة «٣».
وقولهم بأن الحر أفضل من العبد فنعم ولكن التفاوت فى الشرف والفضيلة لا يمنع وجوب القصاص ألا ترى أن العبد لو قتل عبدا ثم أعتق القاتل يقتل به قصاص وإن استفاد فضل الحرية «٤».
تعقيب وترجيح:
بعد عرض أدلة كل فريق ومناقشتها يتبين لنا أن الوقف قد أثر فى الحكم الفقهى عند الحنفية ومن وافقهم فى أن الحر يقتل بالعبد والمسلم بالكافر والأنثى بالرجل أما باقى الأدلة التى اعتمد عليها الحنفية والجمهور فقد تم الرد عليها من الطرف الآخر إما بالتضعيف أو بحمل الخاص على العموم.

(١) أحكام ابن العربى ١/ ٩١ - ٩٢.
(٢) أحكام الجصاص ١/ ١٨٨.
(٣) بدائع الصنائع ١٠/ ٢٦٠.
(٤) بدائع الصنائع ١٠/ ٢٦١، المغنى ١١/ ٣٥٣.


الصفحة التالية
Icon