وتوجيه قراءة الرفع هذه كما ذكرها القرطبى على ثلاث جهات وهى:
١ - بالابتداء والخبر.
٢ - على المعنى على موضع «أن النفس» لأن المعنى قلنا لهم: النفس بالنفس.
٣ - قال الزجاج: يكون عطفا على المضمر فى النفس لأن الضمير فى النفس فى موضع رفع لأن التقدير أن النفس هى مأخوذة بالنفس «١».
تعقيب:
ومن خلال هذه القراءات يتبين لنا أن هناك وقفان:
أولهما: على قوله (أن النفس بالنفس) وهذا كلام تام بنفس والاستئناف بقوله (والعين بالعين) وهذه هى قراءة الرسول ﷺ وبها قرأ أبو عبيد والكسائى.
ثانيهما: الوقف على قوله تعالى (والسن بالسن) والاستئناف بقوله (والجروح قصاص) وهى قراءة ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر.
فنلاحظ هنا أن الوقف والابتداء فى أحد الوقفين المذكورين يجعل هذا الخطاب موجه للأمة المؤمنة المأمورة باتباع ما تؤمر به ويخرج الخطاب عن كونه إخبارا بما كان فى شرع من قبلنا.
وقد فقه ابن المنذر هذا الحكم فقال مرجحا قراءة الرفع: ومن قرأ بالرفع جعل ذلك ابتداء كلام، حكم فى المسلمين، وهذا أصح القولين، وذلك أنها قراءة رسول الله صلى
الله عليه وسلم «والعين بالعين» - برفع العين- وكذا ما بعده. والخطاب للمسلمين أمروا بهذا. ومن خص الجروح بالرفع فعلى القطع مما قبلها والاستئناف بها كأن المسلمين أمروا بهذا خاصة وما قبله لم يواجهوا به «٢».
فالوقف هنا كما قلنا أثر فى الحكم الفقهى فجعل الحكم يفيد الأمر وهذا موافق لقول الحنفية ويجب اتباعه بدلا من إفادته الإخبار عن شرع من قبلنا.

(١) القرطبى ٦/ ١٢٥ - ١٢٦، المغنى لمحيسن ٢/ ١٧، روح المعانى ٦/ ١٤٧، منار الهدى فى الوقف ص ٨٢، السبعة ص ٤٤، مشكل مكى ١/ ٢٢٧.
(٢) القرطبى ٦/ ١٢٦.


الصفحة التالية
Icon