قوله: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ بعد قوله وَالرَّاسِخُونَ وما كان لمدح الراسخين فائدة إذا كان إيمانهم بالمتشابه نتيجة لعلمهم بتفسيره وهذا لا ينافى المتشابه الذى يمكن أن يحمل على المحكم وحمله على معناه دون حمله على ما يخالفه.
فائدة: فى حكم من يخوض فى المتشابه:
متبعو المتشابه لا يخلون من ثلاث:
الأول: أن يتبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك فى القرآن وإضلال العوام كما فعلته الزنادقة والقرامطة الطاعنون فى القرآن.
حكمهم: لا شك فى كفرهم، وإن حكم الله فيهم القتل من غير استتابه.
الثانى: أن يتبعوه طلبا لاعتقاد ظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما فى الكتاب والسنة مما ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن البارئ تعالى جسم مجسم وصورة ذات وجه وعين ويد وجنب ورجل وإصبع تعالى الله عن ذلك.
حكمهم: الصحيح القول بتكفيرهم. إذ لا فرق بينهم وبين عباد الأصنام والصور ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد.
الثالث: أن يتبعوه على وجه إبداء تأويلاتها وإيضاح معانيها.
حكمهم: اختلف العلماء فى جواز ذلك بناء على الخلاف فى جواز تأويلها، وقد عرف أن مذهب السلف ترك التعرض لتأويلها مع قطعهم باستحالة ظواهرها فيقولون أمروها كما جاءت. وذهب بعضهم إلى إبداء تأويلاتها وحملها على ما يصح حمله فى اللسان عليها من غير قطع بتعيين مجمل منها.
الرابع: كما فعل صبيغ حين أكثر على عمر فى السؤال.
فقد كان الأئمة يعاقبون من يسأل عن تفسير الحروف المشكلات فى القرآن لأن السائل إن كان يبغى بسؤاله تخليد البدعة وإثارة الفتنة فهو حقيق بالنكير وأعظم للتعزير. وإن لم يكن ذلك مقصده فقد استحق العتب بما اجترم من الذنب، إذا أوجد للمنافقين الملحدين فى ذلك الوقت سبيلا إلى أن يقصدوا ضعفه المسلمين بالتشكيك والتضليل فى تحريف القرآن عن مناهج التنزيل وحقائق التأويل ومن هذا النوع ما روى عن صبيغ بن عسل عند ما قدم المدينة