وقد أكد السرخسى جعل (الواو) للاستئناف بقوله: الشافعى يجعل هذه الواو للعطف والواو التى فى قوله وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ للنظم حتى يكون الاستثناء منصرفا إليهما دون الجلد فلا يسقط الجلد بالتوبة والصحيح ما قلناه فإنه من حيث الصيغة معنى العطف يتحقق فى قوله تعالى وَلا تَقْبَلُوا ولا يتحقق فى قوله تعالى وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ لأن قول القائل: اجلس ولا تتكلم يكون عطفا صحيحا، فكذلك قوله تعالى فَاجْلِدُوا، وَلا تَقْبَلُوا لأن كل واحد منهما خطاب للأمة فأما قوله تعالى وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ليس بخطاب للأمة، ولكن إخبار عن وصف القاذفين فلا يصلح معطوفا على ما هو خطاب فجعلناه للنظم «١».
وواو النظم عند السرخسى يعنى بها (واو) الاستئناف فهى تدخل بين جملتين كل واحدة منهما تامة بنفسها مستغنية عن خبر الأخرى «٢».
أدلة السنة:
١ - قال صلى الله عليه وسلم: المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا فى قذف «٣».
قال الجصاص: ولم يستثن وجوب التوبة منه «٤».
٢ - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود فى الإسلام «٥».
قال الجصاص: فالحديث ظاهر فى إبطال جميع المحدودين إلا أن الأدلة قد قامت على جواز قبول شهادة المحدود فى غير القذف إذا تاب مما حد فيه ولم تقم الدلالة على المحدود فى القذف فهو على عموم لفظة تاب أو لم يتب «٦».
المعقول:
١ - جملة وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ جملة خبرية والاستثناء داخل عليها فوجب أن
(٢) هق: ١/ ١٩٧، والمصنف لابن أبى شبية ٦/ ١٧٢.
(٣) الجصاص ٣/ ٤١١.
(٤) جه (٢/ ٣٤٢) (١٣) كتاب الأحكام (٣٠) باب من لا تجوز شهادته فذكره بسنده من طريق عمر بن شعيب عن أبيه. قال البوصيرى فى الزوائد: فى إسناده حجاج بن أرطأة وكان يدلس وقد رواه بالعنعنة.
(٥) الجصاص ٣/ ٤١١.
(٦) الجصاص ٣/ ٤١١.