فتربصت حتى سلّم، فلببته بردائه «١»، فقلت: من أقرأك هذه السورة التى سمعتك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول الله: إنى سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أرسله، اقرأ يا هشام»، فقرأ عليه القراءة التى كنت سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هكذا أنزلت»، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«اقرأ يا عمر» فقرأت القراءة التى أقرأنى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه».
٢ - وأخرج مسلم والترمذي وأبو داود والنسائى عن أبىّ بن كعب رضى الله عنه- واللّفظ لمسلم- قال: «إن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان عند أضاة بنى غفار «٢»، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتى لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتى لا تطيق ذلك، ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتى لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا».
وفى رواية أبى داود: «ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: سميعا عليما، عزيزا حكيما، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب».
(٢) الأضاة: الماء المستنقع من سيل أو غيره، أو الغدير الصغير، وجمعها: أضى مثل:
حصاة وحصى.