أراد بالحرف اللّغة، قال أبو عبيدة وأبو العباس «١»: نزل على سبع لغات من لغات العرب، قال: وليس معناه أن يكون فى الحرف الواحد سبعة أوجه، هذا لم يسمع به، قال: ولكن يقول هذه اللّغات متفرقة فى القرآن، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة أهل اليمن، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وكذلك سائر اللّغات ومعانيها فى هذا كله واحد، وقال غيره: وليس معناه أن يكون فى الحرف الواحد سبعة أوجه، على أنه قد جاء فى القرآن ما قد قرئ بسبعة وعشرة، نحو: «ملك يوم الدين»، و «عبد الطاغوت»، ومما يبين ذلك قول ابن مسعود: إنى قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال وأقبل، قال ابن الأثير (مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزرى- ت ٦٠٦ هـ): وفيه أقوال غير ذلك، هذا أحسنها، والحرف فى الأصل: الطرف والجانب، وبه سمى الحرف من حروف الهجاء «٢».
وروى الأزهرى (محمد بن أحمد بن الأزهر الهروى- ت ٣٧٠ هـ)، عن أبى العباس أنه سئل عن
قوله: «نزل القرآن على سبعة أحرف»
فقال: ما هى إلا لغات، قال الأزهرى: فأبو العباس النحوى، وهو واحد عصره، قد ارتضى ما ذهب إليه أبو عبيد واستصوبه... وإلى هذا أومأ أبو العباس النحوى وأبو بكر بن الأنبارى (محمد بن القاسم بن محمد بن بشار- ت ٣٢٨ هـ) فى كتاب له ألّفه فى اتباع ما فى المصحف الإمام، ووافقه على ذلك أبو بكر بن مجاهد (أحمد بن موسى بن العباس التميمى- ت ٣٢٤ هـ) مقرئ أهل

(١) المراد به: محمد بن يزيد الأزدى، أبو العباس، المعروف بالمبرد (ت ٢٨٦ هـ) إمام العربية ببغداد فى زمنه (الأعلام، خير الدين الزركلى- الطبعة الثانية ٨/ ١٥).
(٢) انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (١/ ٣٦٩)، ط. عيسى البابى الحلبى وشركائه.


الصفحة التالية
Icon