الأول: أنه موضوع وثيق الصلة بالقرآن الكريم، وهو أساس الدين الذى قام عليه أمر الأمة، ومصدر التشريع الذى تصوغ عليه حياتها، وكلام الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. والنقل المتواتر هو دعامة قطعية ثبوت القرآن.
الثانى: أن الأحاديث الواردة فى نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف مع كثرتها وتعدد رواياتها جاءت مجملة، لا تكشف عن حقيقة المراد بهذه الأحرف، ولم يأت نص صحيح صريح يبينها، فكان الاجتهاد فى تحديد المراد بها مدعاة للاختلاف.
الثالث: أن تخاصم الصحابة فى هذا الأمر وتحاكمهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء الجواب عنه برد كل واحد إلى ما قرأ وتصويبه، ولم تبين الأحاديث الاختلاف الذى كان بين كل قراءة وأخرى، وهذا يدل على أن الأمر صار معروفا لدى الصحابة رضى الله عنهم، فلم يحتاجوا إلى بيان، ولو خفى عليهم لسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى يبيّن لهم، فينبغى البحث لمعرفة ذلك، وهو الذى حدا العلماء على التعمق فى دراسة أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف رغبة فى ادراك المراد بهذه الأحرف.
الرابع: أن الروايات الواردة فى مجموعها يشوبها بعض الغموض والإبهام، فليس فيها ما يبيّن بجلاء نص الآية أو الكلمة التى وقع الاختلاف فى قراءتها، ولا نوع الخلاف فى تلك القراءات، أكان خلافا صوتيا يمكن أن يعزى إلى تباين اللهجات فى النطق وطريقة الأداء مع وحدة اللّفظ، أم كان اختلافا فى اللّفظ مع وحدة المعنى؟
وإذا أنعم الباحث النظر فى تلك الآراء التى وردت فى كتب علوم القرآن، يجد بعضها غير معزو إلى قائله، وبعضها الآخر استنباطا بعيد المأخذ، ومنها آراء كثيرة ذات مضمون واحد أو متقارب وإن تفاوت التعبير عنها، مما جعل


الصفحة التالية
Icon