عادات وتقاليد تنمو وتتطور، فأدى هذا إلى نشأة اللهجات العربية التى تتميز كل منها بصفات خاصة.
وقد ذكر الدكتور شوقى ضيف كثيرا من اللهجات، فمن ذلك الكشكشة والكسكسة، وهما تخصان ضمير المخاطبة، إذ كان بعض تميم وأسد يلحقون بكاف المخاطبة شيئا فى الوقف، وفى الوصل أحيانا، فيقولون: رأيتكش وعليكش وبكش، وكانت بعض قبائل ربيعة تلحق السين بدل الشين، فتقول:
رأيتكس وعليكس وبكس، وكان منهم من يحذف الكاف ويضع مكانها الشين أو السين.
ومن ذلك العنعنة، وهى فى تميم وبعض قيس وأسد، إذ يجعلون الهمزة عينا في بعض الكلمات، فيلفظون «استعدى» بدلا من «استأدى» ويلفظون «أعدى» بدلا من «آدى» «١»، وكان هناك من يقول: «دأنى» عوضا عن «دعنى»، ومن يلفظ «لعل»: «لأن» بإبدال اللام أيضا نونا، وقالوا بدلا من «أن وإن»: «عن وعن».
وتقرب من العنعنة الفحفحة، وكانت في هذيل، إذ تبدل الحاء عينا، فيقولون فى «حتى»: «عتى»، وهذه اللهجات جميعا كانت تشيع فى بعض القبائل الشمالية المضرية، ومثلها التضجع، وهو الإمالة، إذ كانت تميم وقيس وأسد تميل إلى إمالة الألف، وكان الحجازيون ينطقونها بتفخيم فلا يميلون...
وقد نسب اللّغويون إلى قبائل مضرية وأخرى قحطانية ما سموه الاستنطاء، إذ كانت قبائل هذيل وقيس والأزد والأنصار فى يثرب تبدل العين نونا فى مثل «أعطى» فتقول: «أنطى»...
وهناك لهجات نسبها اللّغويون إلى القحطانيين، من ذلك التلتلة فى قضاعة وبهراء، إذ يكسرون الفعل المضارع فيقولون: «تعلمون وتكتبون وتنجحون».

(١) آدى فلان إيداء: قوى، وآدمى للأمر: أخذ أداته واستعد له، وآدى فلانا على كذا: قوّاه عليه وأعانه (المعجم الوسيط ١/ ١٠).


الصفحة التالية
Icon