فإن قيل: لم لم يدغم قوله تعالى: وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (سورة النبأ الآية ٤٠) وهو مضموم، والضم أثقل من الكسر؟
أقول: الأصل في القراءة صحة النقل، يضاف إلى ذلك إخفاء النون التي قبل التاء، والإخفاء من موانع الإدغام.
واختلف عنهم أيضا في إدغام وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ (سورة الطلاق الآية ٤) على وجه إبدال الهمزة ياء ساكنة.
وجه الإظهار: أن أصل هذه الكلمة: «اللائي» بهمزة مكسورة، بعدها ياء ساكنة، فحذفت الياء لتطرفها، وانكسار ما قبلها، ثم خففت الهمزة لثقلها فأبدلت ياء ساكنة على غير قياس، فحصل في هذه الكلمة إعلالان، فلم تكن لتعلّ ثالثا بالإدغام.
وقيل: أظهرت لأن أصل الياء الهمزة، فإبدالها وتسكينها عارض، ولم يعتدّ بالعارض فيها، فلذلك لم تدغم. وإلى هذا أشار الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى بقوله:
وقبل يئسن الياء في اللّاء عارض | سكونا أو اصلا فهو يظهر مسهلا |
ومعنى قول الناظم: لا يحزنك فامنع:
أي امنع الإدغام قولا واحدا في قوله تعالى: وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ (سورة لقمان الآية ٢٣). من أجل إخفاء النون.
تنبيه: لم يرد الإدغام في قوله تعالى: فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ (سورة يس الآية ٧٦) لأن الكاف وقعت بعد سكون النون، وشرط إدغامها في القاف أن تقع بعد متحرك، وقد أشار إلى ذلك «ابن الجزري» بقوله:
والكاف في القاف وهي فيها وان | بكلمة فميم جمع واشرطن |