شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ فدلّ هذا على التقاطع، والتهاجر بينهم وبين شركائهم إذ تبرءوا بهم، ولم يكونوا معهم، وتقاطعهم لهم هو ترك وصلهم لهم، فحسن إضمار «الوصل» بعد «تقطع» لدلالة الكلام عليه.
جاء في «المفردات»: «بين» موضوع للخلالة بين الشيئين ووسطهما «١».
قال تعالى: وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (سورة الكهف آية ٣٢). و «بين» يستعمل تارة اسما، وتارة ظرفا: فمن قرأ «بينكم» برفع النون جعله اسما، ومن قرأ «بينكم» بنصب النون جعله ظرفا غير متمكن، فمن الظرف قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (سورة الحجرات آية ١). ولا يستعمل «بين» إلّا فيما كان له مسافة نحو: «بين البلدين» أو له عدد ما: اثنان فصاعدا، نحو: «بين الرجلين وبين القوم». ولا يضاف «بين» إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلّا إذا كرر، نحو قوله تعالى: فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً (سورة طه آية ٥٨) و «بين» يزاد فيه «ما» أو الألف، فيجعل بمنزلة «حين» نحو: «بينما زيد يفعل كذا» «وبينا يفعل كذا» اهـ- «٢».
قال ابن الجزري:
....................... وجاعل اقرأ جعلا
والليل نصب الكوف.......................
المعنى: قرأ الكوفيون وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وجعل الليل» من قوله تعالى: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً (سورة الأنعام آية ٩٦). قرءوا «وجعل» بفتح العين، واللام، من غير ألف بينهما، على أنه فعل ماض، وقرءوا «الليل» بالنصب، على أنه مفعول به ل «جعل» وهذه القراءة مناسبة لقوله تعالى بعد: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ (آية ٩٧).
وقرأ الباقون «وجاعل» بالألف بعد الجيم، وكسر العين، ورفع اللام،

(١) الخلالة بكسر الخاء: الفرجة بين الشيئين، قال تعالى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ (التوبة آية ٤٧).
(٢) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «بين» ص ٦٧، ٦٨.


الصفحة التالية
Icon