بها يا «محمد» قد قدمت، وبليت، ومضت عليها دهور، وكانت من أساطير الأوّلين فجئتنا بها، ودلّ على هذا المعنى قوله تعالى في سورة «الفرقان» (آية ٥):
وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
وقرأ الباقون «درست» بغير ألف، وإسكان السين، وفتح التاء، على وزن «فعلت» بفتح الفاء والعين، وسكون اللام، وذلك على إسناد الفعل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فالتاء للخطاب، والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الكفار أنهم قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام: هذه الآيات التي جئتنا بها كانت نتيجة أنك درست، وحفظت كتب الأمم السابقة، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى في سورة النحل (آية ٢٤): وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.
جاء في «تاج العروس»: «درس الشيء» بضم الهمزة، «يدرس» «دروسا» بضم الدال: «عفا» و «درسته الريح درسا»: محته.
وقال «ابن جنّي» ت ٣٩٥ هـ-: «درس الكتاب، يدرسه، درسا»: ذلّله بكثرة القراءة حتى خفّ حفظه عليه «كأدرسه» اهـ-. «١».
قال ابن الجزري:
.......... والحضرمي... عدوا عدوّا كعلوّا فاعلم
المعنى: قرأ «يعقوب الحضرمي» «عدوا» من قوله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (سورة الأنعام آية ١٠٨).
قرأ «عدوّا» بضم العين، والدال، وتشديد الواو مثل «علوّا» وأصلها «عدوو» على وزن «فعول» فأدغمت الواو المدّية في الواو التي هي لام الكلمة.
وقرأ الباقون «عدوا» بفتح العين، وإسكان الدال، وتخفيف الواو، على وزن «فعل».

(١) انظر: تاج العروس مادة «درس» ج ٤/ ١٤٩.


الصفحة التالية
Icon