وما يدريكم أيها المؤمنون أن الآية إذا جاءتهم يؤمنون، أي أنهم لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية التي اقترحوا بها. وهذا المعنى إنما يصحّ على قراءة من قرأ «يؤمنون» بياء الغيبة، ويكون «يشعركم» خطابا للمؤمنين، والضمير في «يؤمنون» للكفار في القراءة بالياء.
ومن قرأ «تؤمنون» بالتاء فالخطاب في «يشعركم» للكفار، ويقوّي هذا المعنى قوله تعالى بعد: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (آية ١١١).
و «ما» في قوله تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ للاستفهام، وفي «يشعركم» ضمير «ما» والمعنى: وأيّ شيء يدريكم أيها المؤمنون إيمانهم إذا جاءتهم الآية، أي: لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية. ولا يحسن أن تكون «ما» نافية، لأنه يصير التقدير:
وليس يدريكم الله أنهم لا يؤمنون، وهذا مناقض، لأنه تعالى قد أدرانا أنهم لا يؤمنون بقوله تعالى بعد: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ إلى قوله: يَجْهَلُونَ اهـ- «١».
وقرأ الباقون «إنها» بكسر الهمزة، وهو الوجه الثاني «لشعبة» وذلك على الاستئناف، إخبارا عنهم بعدم الإيمان، لأنه طبع على قلوبهم.
قال ابن الجزري:
................. وتؤمنون خاطب في كدا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والكاف من «كدا» وهما: «حمزة، وابن عامر» «لا يؤمنون» من قوله تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (سورة الأنعام آية ١٠٩).
قرآ «لا تؤمنون» بتاء الخطاب، لمناسبة الخطاب في قوله تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ وهو للكفار، وحينئذ يكون المعنى: وما يدريكم أيها الكفار المقترحون

(١) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج ١/ ٤٤٤ - ٤٤٥.


الصفحة التالية
Icon