الإخبار في قوله تعالى: وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً فجرى صدر الكلام على آخره لتطابق الكلام.
قال ابن الجزري:
............ وثم... أشهدت أشهدنا وكنت التّاء ضم
سواه..............................
المعنى: اختلف القرّاء في «ما أشهدتهم» من قوله تعالى: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (سورة الكهف آية رقم ٥١).
فقرأ المرموز له بالثاء من «ثم» وهو «أبو جعفر» «ما أشهدنهم» بنون، وألف، على الجمع للعظمة، وذلك جريا على نسق ما قبله في قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ (سورة الكهف آية ٥٠).
وقرأ الباقون «ما أشهدتهم» بالتاء المضمومة من غير ألف، على إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم وهو الله تعالى، وقد جاء ذلك مطابقا لقوله تعالى قبل:
أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي (سورة الكهف آية ٥٠).
كما اختلف القرّاء في «وما كنت» من قوله تعالى: وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (سورة الكهف آية ٥١).
فقرأ «أبو جعفر» «وما كنت» بفتح التاء، خطابا لنبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم، والمقصود إعلام أمته أنه عليه الصلاة والسلام لم يزل محفوظا من أول حياته لم يعتضد
بمضلّ، ولم يتخذه عونا له على نجاح دعوته، وفي الكلام التفات من التكلّم إلى الخطاب.
وقرأ الباقون «وما كنت» بضم التاء، وهو إخبار من الله تعالى عن ذاته المقدسة بأنه ليس في حاجة للاستعانة بأحد من خلقه فضلا عن المضلين، لأنه هو الله القويّ العزيز الذي أوجد العالم من العدم، وليس له شريك في الملك، ولم يتّخذ صاحبة ولا ولدا. وقد جرى الكلام على نسق ما قبله في قوله تعالى:
ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ.


الصفحة التالية
Icon