وممّا لا ريب فيه أن جميع الناس مجزيون بأعمالهم، إلا أن المؤمن يكفر الله عنه سيئاته الصغائر إذا اجتنب الكبائر، والدليل على ذلك قول الله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (سورة النساء آية ٣١). والكافر لا تكفير لسيئاته الصغائر، لأنه لم يجتنب الكبائر، إذ هو على الكفر، والكفر أعظم الكبائر، فلذلك خصّ الكافر بذكر المجازاة وهي العقوبة في هذه الآية الكريمة.
وقرأ الباقون «نجازي» بنون العظمة، وكسر الزاي مبنيّا للفاعل، و «الكفور» بالنصب مفعول به، وهو إخبار من الله تعالى عن نفسه، وقد جرى الكلام على نسق ما قبله في قوله تعالى في صدر الآية: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا.
قال ابن الجزري:
وربّنا ارفع ظلمنا وباعدا | فافتح وحرّك عنه واقصر شدّدا |
فقرأ المرموز له بالظاء من «ظلمنا» وهو: «يعقوب» «ربّنا» بضم الباء، على الابتداء، وقرأ «باعد» بألف بعد الباء، وفتح العين والدال، فعل ماض، والجملة خبر المبتدإ.
وقرأ مدلول «حبر» والمرموز له باللام من «لوى» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وهشام» «ربّنا» بالنصب على النداء، وقرءوا «بعّد» بحذف الألف، وكسر العين مشدّدة، فعل طلب من «بعّد» مضعف العين.
وقرأ الباقون «ربّنا» بالنصب على النداء، و «باعد» بالألف وكسر العين مخففة، وسكون الدال، فعل طلب.
المعنى: طلب بعض «أهل سبأ» وهم أهل الثراء من الله تعالى أن يباعد