أولا: في سبب وروده:
ذهب جمهور العلماء إلى أنّ سبب ورود التكبير أنّ الوحي تأخر عن رسول الله ﷺ فقال المشركون- كذبا وزورا-: إن «محمدا» قد ودعه ربّه، وقلاه، وأبغضه، فنزل تكذيبا لهم قوله تعالى: وَالضُّحى * وَاللَّيْلِ إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى «١» إلى آخر السورة، فلما فرغ «جبريل» عليه السلام من قراءة سورة «والضحى»
قال الهادي البشير صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر»
شكرا لله تعالى على ما أولاه من نزول الوحي عليه بعد انقطاعه، والردّ على إفك الكافرين، ومزاعمهم، ثم أمر النبي ﷺ أن يكبر إذا بلغ والضحى مع خاتمة كل سورة حتى يختم تعظيما لله تعالى، وابتهاجا بختم «القرآن الكريم».
ثانيا: في حكمه:
أجمع الذين ذهبوا إلى إثبات التكبير على أنه ليس من «القرآن الكريم» وإنما هو ذكر ندب إليه الشارع عند ختم بعض سور القرآن الكريم كما ندب إلى التعوّذ عند البدء بالقراءة، ولذا لم يكتب في مصحف من المصاحف العثمانية. وهو سنّة ثابتة مأثورة عن رسول الله ﷺ لما سبق في المبحث الأول أثناء بيان سبب وروده، ولقول «البزّي» قال لي «الإمام الشافعي»: «إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال «أبو الفتح فارس بن أحمد»: إن التكبير سنة مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة، والتابعين.
وروي عن «البزّي» أنه قال: «سمعت «عكرمة بن سليمان» يقول: قرأت على «إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المكي» ت ١٧٠ هـ: فلما بلغت والضحى قال لي كبّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، فإني قرأت على «عبد الله ابن كثير» فلما بلغت والضحى قال لي كبّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، وأخبره أنه قرأ على «مجاهد بن جبر» ت ١٠٤ هـ فأخبره بذلك، وأخبره «مجاهد» أن «ابن عباس» أمره بذلك، وأخبره «ابن عباس» أنّ «أبيّ بن كعب» أمره بذلك، وأخبره «أبيّ» أن النبي ﷺ أمره بذلك «٢».
(٢) رواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح الإسناد.