وقوله جلَّ وعزَّ: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١١)
أي كشأن آل فرعون، وكأمر آل فرعون، كذا قال أهل اللغة والقول
عندي فيه - واللَّه أعلم - إِن " دأب " ههنا أي اجتهادهم في كفرهم وتظاهرهم على النبي - ﷺ - كتظاهر آل فرعون على موسى عليه السلام.
وموضع الكاف رفع وهو في موضع خبر الابتداءِ، المعنى دأبهم مثلُ دَأبِ
آل فرعون، و (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
يقال دأبتُ أدأب دَأباً ودُؤُوباً إِذا اجتهدت في الشيءِ.
ولا يصلح أن تكون الكاف في موضع نصب بـ (كفروا)
لأن كفروا في صلة الذين، لا يصلح أن الذين
كفروا ككفر آل فرعون لأن الكاف خارجة من الصلة ولا يعمل فيها ما في
الصلة.
* * *
وقوله: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٢)
وتقرأ (سَيُغْلَبُونَ)، فمن قرأ بالتاءِ فللحكاية والمخاطبة، أي قل لهم في
خطابك ستغلبون. ومن قال (سَيُغْلَبُونَ) فالمعنى بلغهم أنهم سيغلبون.
وهذا فيه أعظم آية للنبي - ﷺ - لأنه أنبأهم بما لم يكن وأنبأهم بغيب، ثم بانَ تصديق ما أنبأ به لأنه - ﷺ - غلبهم أجمعين كما أنبأهم. -
ومعنى (وَبِئْسَ المِهَادُ): بئس المثوى وبئس الفراش.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (١٣)
آية علامة من أعْلامِ النَبِى - ﷺ - التي تدل على تصديقه، والفئةُ في اللغة


الصفحة التالية
Icon