اهتماماً شديداً ضرب تلك القِدَاح، فإِن خرج السهم الذي عليه " أمرني رَبِّي
مضَى لحاجته، وإن خرج الذي عليه " نهاني ربي " لم يمض في أمره، فأعلم
اللَّه عزَّ وجلٌ أن ذلك حرام، ولا فرق بين ذلك وبين قول المنجمين: لا تخرج من أجْل نَجْم كَذَاِ، وأخرج من أجل طلوع نجم كذا، لأن الله جلَّ وعزَّ قال: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)
وروي عن النبي - ﷺ -
" خمس لا يَعْلَمهِن إلا اللَّه، وذكر الآية التي في آخر سورة لقمان.
(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ).
وهذا هو دخول في علم اللَّه الذي هو غيب، وهو حرام كالأزلام التي
ذكرها الله جلٌ وعز أنها حرام.
والاستقسام بالأزلام فسْق. والفِسْق اسم لِكُل ما أعلم الله أنه مُخْرِج
عن الحلال إِلى الحرام، فقد ذَم اللًه به جميعَ الخارجين مِن متَعَبَّداته وأصله
عند أهْلِ اللغة قد فَسقَتِ الرَطَبَة إذَا خَرَجَتْ عَنْ قِشْرها.
ولو كان بَعض هذه المَرْفوعَاتِ نَصْباً على المعنى لجاز في غير القرآن.
لو قلتَ حرمَتْ على الناس الميتَةُ والدمَ ولحمَ الخنزير، وتحمله على مَعْنَى
وحَرمَْ الله الدَمَ ولحمَ الخِنْزِير لجاز ذلك، فأمَّا القرآن فخطأ فيه أن نقْرأ بما لم
يَقْرأ به مَنْ هو قُدْوةٌ في القِراءَةِ، لأن القراءَة سنة لا تتَجاوَز.
وقوله: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ).
"اليومَ " منصوب عَلى الظرف، وَلَيْسَ يُرادُ به - واللَّه أعلم - يوماً بعَيْنه.