(سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ).
أي هم مستمعون منك لقوم آخرين " لَمْ يأتُوك " أي هم عُيُون لأولئكَ
الغُيَّبِ ويجوز أن يكون رفع " سماعون " على معنى ومن الذين هادوا
سماعون فيكون الِإخبار أن السَّماعين مِنهم، ويرتفع منهم كما تقول: في
قومك عقلاءُ.
هذا مذهب الأخفش، وزعم سيبويه أن هذا يرتفع بالابتداء.
وقوله: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ)
أي من بعد أن وضَعه
اللَّهُ موضِعَهُ أي فرض فروضَه، وأحلَّ حلاله وحرًم حرامه
وقوله: (إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا).
(إِنْ أُوتِيتُمْ) هذا الحكمَ المحرَّفَ فخذوه.
(وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) أي احذروا إِن أفتاكم النبي - ﷺ - بغير ما حدَّدْنَا لكم، فاحذروا أن تَعْمَلوا به.
وكان السبب في هذا فيما رُوِيَ أن الزنَا كثُر في أشراف إليهودِ وخَيْبر.
وكان في التوراة أَن على المحصنين الرجم فزنى رجُل وامْراة، فطمعت إليهودُ
أن يكون نزل على النبي - ﷺ - الجلد في المحصنين، وكانوا قد حَرَّفُوا وَصَارُوا يَجْلِدُون المحصنيْنِ وَيسُودُونَ وجُوهَهُمَا، فأوحى الله جل ثناؤه أنَّهمْ يستفتونه في أمر هاتين المراتين، وأعلَمَهُ أن اللَّه يأمرهم عن أعلَمِهِمْ بالتوراة، فأعلموه إنَّه ليس بحَاضِرٍ، فقال النبي - ﷺ - قَدْ علِمتُ، وكان جبريل قد أعلمه مكانه فأمرهم أن يحضروه، فأَحضروه، وأَوحى اللَّه إِلى نبيهِ أن يستحلفهم


الصفحة التالية
Icon