وجميع هذه الأقوال التي ذكرنا حسن جميل بين، فأمَّا ما ذُكِرَ عن ابن
عباس من أن البنتين بمنزلة البنت فهذا لا أحسبه صحيحاً عن ابن عباس وهو
يَسْتَحيلُ في القِياسِ لأن منزلة الاثنين منزلة الجمع، فالواحد خارج عن
الاثنين.
ويقال ثلُثْ وربُع وسُدُس، ويجوز تخفيف هذه الأشياءِ لِثقلِ الضَم.
فيقال ثِلْث وَرُبْع وسُدْسْ. ومنْ زعم أن الأصل فيه التخفيف وأنَّه ثُقَل فخطأ، لأن الكلامَ موضوع على الإيجاز والتخفِيفُ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ).
فالأم لها في الميراث تسمية من جهتين، تسمية السدس مع الولد.
وتسمية السدُس مع الإخوة، وتسمية الثلث إِن لم يكن له ولد.
والأب يرث من جهة التسمية السدسَ، ويرث بعد التسمية على جهة
التعصيب.
والأم يحجبها الإخوة عن الثلث فترث معهم السدَس.
قال أبو إسحاق: ونذكر من كل شيءِ من هذا مسألةً، إذْ كان أصل
الفرائض في الأموال والمواريث في هذه السورة.
فإِن مات رجل أو امْرأة فخلفا أبوَيْن، فلام الثلث، والثلثان الباقيان
للأب. بهذا جاءَ التنزيل وعليه اجتمعت الأمة. فإِن خلَّف الميت وَلَداً وكان


الصفحة التالية
Icon