موضع " كَم " نصب بـ "أهلكنا " إِلَّا أن هذا الاستفهامَ لا يَعمل فيه مَا قَبلَهُ
وَقِيلَ القرنُ ثَمَانُون سنةً وقيل سَبعونَ، والذي يقع عندي - واللَّه أعلم - أن
القرن أهلُ مُدةٍ كان فيها نبي أو كان فيها طبقة من أهل العلم.
قَلَّت السنُونَ أو كثرت.
والدليل على هذا قول النبي - ﷺ - خَيركم قَرْنِي، أي أصحَابِي، رحمة اللَّه عليهم ثمَ الذين يَلُونَهم يَعني التابعين، ثم الذين يلونهم يعني الذين أخذُوا عَن التَابِعين.
وجائز أن يكون القرن لجملة الأمة وهؤُلاء قُرون فيها.
وإِنما اشتقاق القرن من الاقتران، فتأويله أن القرن الذين كانوا
مقْتَرِنِينَ في ذلك الوقت، والذين يأتون بعدهم ذوو اقتران آخر.
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا).
أي ذات غيث كثير، ومِفْعَال من أسماءَ المبالغة يقال دِيمَةُ مِدْرَار، إِذا
كان مطرها غَزِيراً دائماً، وهذا كقولهم امرأة مِذْكار، إِذا كانت كثيرة الولادة للذكور، وَكَذَا مِئْنَاثٌ في الإناث.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)
أعلم الله عزَّ وجلَّ أنهم قد أصِلُوا في السَّيئ البَاطِل في دفع النبوة.
لأنهم قد رَأوا القَمَر انشقً فأعرَضُوا، وقالوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ.
وكذلك يقولون في كل ما يَعْجِزُ عنه المخلوقون سحر، هذا عين الدفع