أي خالق السَّمَاوَات والأرض.
فإن قال قائل فقوله: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) معناه انشقت فكيف
يكون الفَطْرُ في معنى الخَلْق والانفطار في معنى الانشقاق؛ فإِنهما يَرْجِعَان إِلى
شِيءٍ واحد، لأن معنى فطرهما خَلقهما خلْقاً قاطعاً، - والانْفِطَار والفُطُورُ تقَطع وتشقق.
وقوله: (وَهو يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ).
وًيقْرَأ " ولا يَطْعَمُ "، والاختيار عند البصراء بالعربية، وهو يُطْعمُ وَلَا يَطعَمُ
بفتح الياء في الثاني. قالوا معناه: وهو يرزق وُيطْعِم ولا يَأْكل لأنه الحي الذي ليس كمثله شيء، ومن قرأ (ولا يُطْعَمْ) فالمعنى أنه المولى الذي يَرْزُق وَلاَ يُرْزَقُ، كما أن بعض الْعَبيد يَرْزُق مولاه.
والاختيار في " فاطِر " الجرُ لأنَّه مِن صفة الله جلَّ وعزَّ، والرفع والنصب جائزان على المدح لله جلَّ وعزَّ والثَّناءِ عليه.
فمن رفع فعلى إِضمار هو. المعنى هو فاطر السَّمَاوَات والأرض، وهو
يُطعِم ولا يُطعم، ومن نصب فعلى معنى اذكر، وأعني بهذا الاحتجاج عليهم، لأن من فطر السَّمَاوَات والأرض وأَنشأَ ما فيهما وأحكم - تدبيرهما وأطعم من فيهما فهو الذي ليس كمثله شيء.
* * *
وقوله: (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦)
أي من يَصْرِفْ اللَّهُ عنه العذاب يومئذ - يعني يوم القيامة الذي ذكر أنهم
يجمعون فيه، وتُقْرأ أيضاً (من يُصرَف عَنْهُ يومئذ فقد رَحمِه)، أَي من يُصْرَف عنه العذابُ يومئذ.
* * *
وقوله: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩)


الصفحة التالية
Icon