لعَبد اللَّهِ بنِ سَلاَم: يا أبا حمزة: هل عرفت محمداً كما عرفت ابنك؟
قال نَعَم، لأن الله بعث أمِينه في سَمائه إِلى أمِينِه في أرضِه بِنعتِه فعرفْتُه، فأمّا ابني فما أدري ما أحدَثَتْ أُمُّه. فقال صدقت يا حمزة.
وقوله: (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ).
رفع على نعت (الذين آتيناهم الكتاب) وجائز أن يكون على الابتداءِ.
ويكون (فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) خَبَره.
والذين خسروا أنفسهم الأشبه أن يكون ههنا يعني بِه أهل الكتاب.
وجائز أن - يكون يعني به جملة الكفار من أهل الكتاب وغَيرِهم.
* * *
وقوله: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)
إِنْ شِئْتَ نصبت " فِتْنَتَهم " على خَبرِ يَكنْ، ويكون أن قَالوا هو الاسم
وأنث " تكن " وهو (إِلا أن قَالُوا) لأن " أن قالوا " ههنا هو الفتنة.
ويجوز أن يكون تأويل " أن قَالوا " إِلا مَقَالَتُهم.
ويجوز رفع الفتنة وتأْنيث " تكن " ويكون الخبر (أَنْ قَالُوا)
والاسم (فِتْنَتُهُمْ).
ويجوز ُ ثم لَم يَكًنْ فتنتَهُم إِلا أن قالوا، فتذكر " يكن " لأنه
معلق ب (أَنْ قَالُوا)، ويجوز ثم لم يكن فتنتهم بالياءِ ورفع الفتنة، لأن الفتنة
والافتتان في معنَى واحد.
وتأويل هذه الآية تأْويل حسن في اللغة لطيف لا يفهمه إِلا من عرف
معانيَ الكلام وتَصَرُّفَ العربِ فِي ذلك، واللَّه جلَّ وعزَّ ذَكَرَ في هذه