وَكَلامٍ سَيِّئ قد وقرت... أذُني منه وما بي مِنْ صَمَم
والوِقْر - بكسر الواو - أن يحمل البعير أو غيره مقدار ما يطيق، يقال عليه
وِقْرٌ، ونَخْلةٌ موقِرٌ وَموقرة بالكسر أكثر، وموقِر مِثْل مرضِع، أَي ذات وقْرِ، كما أن تلك ذات رَضاعٍ، وإِنما فعل بهم ذَلكَ مجازَاة لهم بإِقامتهم على كَفْرِهِم.
وليس المعنى أنهم لم يَفْهَموه ولم يَسمَعوه، ولكنهم لَما عَدَلُوا عَنْه وصَرَفُوا
فِكْرهم عَما هم علَيه، في سوءِ العاقبة كانوا بمنزلة من لم يعلم ولم يسمع.
وقوله: (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا).
أي: كل علامة تَدلهم على نبوتكَ، ثم أعلم الله عزَّ وجلَّ مقدارَ
احتجاجِهِم وجَدَلِهم وأنهم إِنما يستعملون في الاحتجاج أن يقولوا هذا أساطير
الأولين، ويقولون افترى على الله كذباً، فأعلمَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أنهم ليس
يعَارِضُونَ ما احتُج بِه عَلَيهم من الحق، حيث قيل لهم: (فَأْتوا بسورَةٍ مِن
مِثلِهِ)، وحَيثُ شَق لهم القمرَ، وحيث أنزل على نبيه عليه السلام
(واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
فما أتى أحدٌ بسورةٍ ولا قدَرَ على ضَر النبي - ﷺ -
ولا على قَتْلِهِ، وأنبأ عزَّ وجلَّ بما سيكون في كتابِهِ فَوُجدَ ذلكَ أجمَعُ.
فقال اللَّه عزَّ وجلَّ: (حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
واحدها إِسطار، وأسطُورة. وتأْويل السَّطْر في اللغة أن تَجعَل شيئاً مُمتَدا