والقول الأول أشْبَهُ بالمعنَى.
* * *
قوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧)
القراءَة - أكثر ها بالفتْح والتَفْخِيم، والِإمالة حسنة جَيدَةُ، وهي مذهب
أبي عمرو. أعني كسر الألف من " النَّارِ "، وإِنما حَسُنَتْ الِإمالة في قوله
(كمثل الحِمَارِ يحمل أسفاراً)، وأصحَاب النَّارِ، لأن الراءَ بعد الألف
مكسورة، وهي، حرف كأنَّه مكَرر في اللسان، فصارت الكسرة فيه كالكسرتين.
ومعنى (وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) يحتمل ثلاثة أوجه - جائز أن يكونوا عَايَنُوها.
وجائز أن يكونوا عليها وَهِيَ تَحتَهم، والأجود أن يكون معنى وقفوا على النار أُدخِلوها فَعَرَفوا مقدارَ عَذَابهَا، كما تقول في الكلام: قد وَقَفْتَ على ما عندَ فلانٍ، تريد قد فهمته وتَبَينْتَه.
(فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
أكثر القراءِ بالرفع في قوله: (وَلَا نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبِّنَا)، ويكون المعنى أَنَّهم
تمنوا الرد، وضمِنوا أنهم لا يُكَذِّبونَ.
المعنى: يا ليتنا نرد، ونحن لاَ نكذب، بآيات ربنا رُدِدنا أم لم نرد، ونكونَ من المؤمنين، أي قَد عَايَنا وَشَاهَدنَا مَا لَا نكَذْب مَعَه أبداً.
قال سيبويه مِثله دَعني ولا أعود، أي وأنا لا أعود تَركْتَنِي أو لم تَتْرُكْني.
ويجوز الرفع على وجه آخر، على معنى يا ليتَنَا نرد، ويا ليتنا لا نكَذِّبَ بآيات رَبِّنَا، كأنَّهم تَمنَّوا الرد والتوفيق للتصديق، ونَكون منَ المؤمِنينَ الرفع والنصب أيضاً فيه جَائِزَانِ، فأمَّا النَصب فعلى يا ليتنا نرد وتكون يا ليتنا نرد ولا نكذب


الصفحة التالية
Icon